2008-08-18

زاوية منطقية : بين التقطير المطلوب والبند المركزي المشجوب!

بين التقطير المطلوب والبند المركزي المشجوب!

في خضم النمو الاقتصادي القياسي لقطر خلال العقدين الماضي والحالي تم استيراد الكثير من غير القطريين ليمسكوا بالمناصب الإدارية ذات الرواتب العالية التي صممت لهم دون غيرهم في الهيئات التي تم إلغاؤها مؤخراً ناهيك عن السكن الفاخر والتأمين الصحي وما إلي ذلك من مزايا كثيرة، بل أن بعض الهيئات لم تقض علي الروتين وشهدت الكثير من الاستقالات الجماعية بسبب التسكين العشوائي والخلل والتباين بين رواتب الهيئات المختلفة.

وكان هناك تفاوت كبير وملحوظ بين القطريين وغير القطريين و إن كانوا يحملون نفس الشهادات والخبرات الإدارية.

بعض المديرين والخبراء في الهيئات من
ذوي العيون الزرقاء الآرية تجاوزت رواتبهم رواتب أصحاب السعادة الوزراء ورواتب بعض مديري الإدارات في الهيئات من القطريين وغير القطريين تجاوزت رواتب أصحاب السعادة الوكلاء وعمداء الكليات والأساتذة في جامعة قطر العريقة؛ بل إن أصحاب السعادة الوكلاء وأساتذة الجامعة باتوا كثيري المراتب قليلي الرواتب وسادت حالة من الاكتئاب النفسي بسبب الإجحاف الوظيفي الكثير من القطريين من ذوي الكفاءات المهمشة.

ولقد شهد العقد الماضي الكثير من البلبلة
بسبب إحالة الكثير من الموظفين القطريين إلي بند الخدمات المركزية والذي ليس له صفة قانونية ولا سلم رواتب لأن الكثير من المُحالين وبعضهم أحيل ظلماً وعدواناً لا يستحقون أن يحالوا علي التقاعد وتم التخلص منهم بحجة إعادة التنظيم الإداري للهيئات وأن هناك معايير في عيني المسئول وحده لم يرتق إليها من أحيلوا إلي المركزي وإن كانوا من الكفاءات ولكن ارتقي لها ذوو العيون الزرقاء وهي بكل تأكيد ليست بسوداء كعيني زرقاء اليمامة.

ومع قرب صدور اختصاصات الوزارات وإعادة دمج الهيئات البائدة في الوزارات العتيدة تلوح في الأفق حركة ما يسمي بالتصحيح الإداري مرة أخري وسينجم عنها إن لم يتم معالجة الدمج بروية إحالة لأفواج أخري إلي البند المركزي.

وبينما نحن
نحذر مما قد يقع في المستقبل بسبب الدمج في الوزارات الجديدة والقديمة نقف حياري أمام إعلان وزارة العمل للمحالين علي البند المركزي بضرورة مراجعتها ليعاد توظيفهم مرة أخري؛ فهل هذا الإعلان سينجم عنه تقطير للوظائف التي يشغلها خبير أو مستشار؟ وهل سينظر في آخر الشهادات والدورات التي حصل عليها المُبعدون للبند المركزي؟ ومن ثم مراجعة الوظائف التي يشغلها غير القطريين ويتم تهيئة القطريين ليحلوا محلهم؟ أتمني ذلك.

ولماذا لم يتح خيار آخر إلي جانب خيار التسجيل في مقر وزارة العمل كإدخال الطب عن طريق الإنترنت لتوفير الوقت والجهد والمال وتجنب الازدحام؟

يقول أحدهم إن القصد من الإعلان لا يعدو حصراً للأعداد؟ ومعرفة من يرغب في أن يعمل فقط؟ وأرجو ألا يكون الأمر كذلك.

ولكنني أريد أن اسأل من الذي يرغب في أن يوقف راتبه أصلاً؟

وهل فترة شهرين كافية من وجهة نظر وزارة العمل؟

ثم إن وزارة العمل لم توضح آلية إعادة استثمار الموارد البشرية القطرية من خلال وسائل الإعلان بكل وضوح وشفافية، ولا حتي الجدول الزمني لإعادة استثمار الموارد البشرية القطرية التي أحيلت إلي البند المركزي بدون رغبة منها لكي تكون حافزاً للقطريين الذين همشوا لفترة ليست بالقصيرة البتة.

أتمني أن يكون التقطير النوعي قبل الكمي من أولويات رؤية قطر 2030 وأن تكون هناك مراجعة سنوية لتقدم عملية التقطير في الأجهزة الحكومية وشركات القطاع المختلط والخاص كالشركات المساهمة.

لا تبني أمجاد الدول إلا بسواعد أبنائها ويقول الشاعر:

بالعلم والمال يبني الناس مجدهم

لم يبن مجدٌ علي جهل وإقلال..

نتمني أن تكون هناك خطة شاملة لتطوير الموظفين القطريين سواء من خلال ابتعاثهم للحصول علي الشهادات الجامعية والدراسات العليا أو من خلال عمل دورات تدريبية لتطويرهم في داخل وخارج قطر وأن تتم معالجة أمر بند الخدمات المركزية بشكل جذري وأن تتم مراعاة ذلك في قانون شؤون الموظفين الجاري العمل علي تشريعه مع دعم حقيقي لمن يرغب في مواصلة تعليمه من الموظفين القطريين.

والله من وراء القصد؛؛؛


عبدالله بن حمد العذبة
كاتب قطري
alathbi@gmail.com

المصدر الراية الأثنين 18-8-2008 http://www.raya.com/site/topics/arti...4&parent_id=23

ليست هناك تعليقات: