2009-10-06

أقذف رأس الاحتلال جريمة؟!

أقذف رأس الاحتلال جريمة؟!

كتب الزميل الكاتب المحامي طارق النعيمي مقالته بالراية بعنوان «قذف الرئيس الأميركي ليس له علاقة بحرية التعبير» في الأسبوع الماضي.

وأتفق معه في أن الأمر لا علاقة له بحرية التعبير، ولكن أستغرب أن يفوت على زميلي أن العراق ما زال محتلاً، وتم قذف رأس الاحتلال بوش الصغير بـ «القندرة» في المنطقة الخضراء التي ما زالت تخضع بالكامل للمحتل الأميركي، وليس لسيادة حكومة المالكي، والتي أقل ما يصفها الكثير من القانونيين المنصفين بالمشكوك في شرعيتها، لأنها نشأت تحت الاحتلال.

وعطفاً على ما تقدم آمل ألا يدين الكاتب المقاومين والمجاهدين العراقيين والأفغان وغيرهم من الذين يجاهدون دفاعاً عن دينهم وأعراضهم.

وبالمناسبة كانت مجموعة من أساتذة القانون الأميركان -وليس العراقيين أو حتى القطريين- بمبنى كلية القانون بجامعة قطر بعد أن قام المواطن منتظر الزيدي بقذف رأس الاحتلال بوش الصغير بالحذاء بدلاً من استقباله بالورود.
وكان سبب زيارة القانونيين الأميركان للكلية تقييم المناهج لتتمكن الكلية من الحصول على تصنيف أكاديمي أفضل.
فسألتهم مبتسماً عن مدى قانونية تسليم الزيدي لحكومة المالكي المشكوك في شرعيتها؟ مع ملاحظة أن الزيدي قذف بوش بالحذاء في المنطقة الخضراء التي لا تخضع لسيادة العراق وشعبه حتى هذه اللحظة.

فأجابوني بعد أن أسقط في أيديهم، بأن حكومة بوش -الراشدة- فعلت ذلك لتعزز من قانونية حكومة المالكي.
وكان أستاذ القانون د. صلاح زين الدين يغمز لي عشرات المرات لأتوقف، ولكنني تظاهرت بأنني لم أره، وسألتهم هل يجرم القانون الأميركي قذف الرؤساء بالبيض الفاسد والطماطم؟ لاسيما أن الزيدي لم تبق القوات الأميركية المحتلة في يده بيضاً ولا طماطم، ولكنه كان يملك حذاءه الذي تشرف رأس بوش -الصغير- بالانحناء له.
وآثر أساتذة القانون الصمت.

أؤمن بأن ما قام به الزيدي يعبر عن رفضه احتلال بلده، وهذا أمر واجب بحسب الشرع الإسلامي، بل وتجيزه القوانين الدولية ومواثيقها، وإذا كان قتال المحتل مباحاً، فإن قذفه بالحذاء لا يعتبر جرماً يدان، لأن من يملك الأكبر يملك الأصغر بالضرورة.
يرى الكثير من فقهاء القانون، أن القوانين المحلية لا قيمة لها في ظل الاحتلال، وبما أن العراق ما زال محتلاً فلا قيمة لتطبيق القانون الجنائي العراقي على منتظر الزيدي أو غيره من الرافضين للاحتلال.

ويجب ألا ننسى أن بوش الصغير كان القائد الأعلى للقوات المسلحة الأميركية ومتخذ قرار احتلال العراق الشقيق.
المأخذ الآخر للزميل كان على البيان الصادر عن مركز الدوحة لحرية الإعلام، وكان الأول منه يعود إلى الحقبة -المينارية- الذي نشرته «العرب» في 14-1- 2009 والذي بين أن ميسيو روبير مينار تبنى استضافة الزيدي حال خروجه من السجن، وأن استضافته ستكون -لحمايته- من الاضطهاد، ومن الآثار الجانبية اللاحقة لفعله بصفته صحفيا.

أما سارا كيانبور مسؤولة العلاقات العامة والاتصال في المركز فصرحت لـ «لعرب» في اليوم نفسه بالتالي: «مع التشديد على أن تصرّف الصحفي يتعارض مع القيم التي يدافع عنها مركز الدوحة، فإنه يجد أن عقوبة السجن التي قضاها منتظر الزيدي لا تتناسب مع التهم المنسوبة إليه، وعواقبها البسيطة على الشخص المستهدف».

نعلم أن الحقبة المينارية ولت إلى غير عودة، ولا أعتقد أن الزميل النعيمي يخاطب إدارة لا وجود لها، وبالانتقال إلى تصريح نائب المدير العام لمركز الدوحة لحرية الإعلام وهو الأحدث، والذي قالت فيه السيدة مريم الخاطر إن المركز قد «أطلق نداء في -ديسمبر الماضي- بطلب الإفراج عن الزيدي، مطالبا القضاء العراقي بمحاكمة عادلة تقدر عمله بحجمه الصحيح على أنه شتيمة لا عواقب لها»، وكان هذا التصريح يعود لما قام به المركز في حقبة مينار.

السيدة الخاطر ذكرت أن المركز عين المحامي عادل الكرخي حينئذ لمتابعة قضية الزيدي الذي قال في إفادة له: «إن التهم الموجهة ضد الصحفي لا تتوافق مع الجنحة المرتكبة»، وأضاف أنه «يمكن اعتبار تصرف منتظر الزيدي على أنه إهانة «للرئيس الأميركي» وليس اعتداء جسديا».

لم أجد في البيانين أن المركز يعتبر الزيدي بطلاً قومياً وسيستضيفه المركز على هذا الأساس، كما أن البيانين أكدا على حماية الزيدي مما قد يلحق به بصفته صحافياً.

أما مسألة تطبيق نفس المبدأ على الزيدي في حالة قدومه وعقد مؤتمر صحفي بالدوحة، فهو قياس غير صحيح، لأن الزيدي ليس بعدو، ولكنه صديق في دولة صديقة مستقلة.

ولو انتقلنا إلى نقطة عدم استضافة مركز الدوحة لحرية الإعلام لبقية الصحافيين العراقيين الذين يتعرضون لنفس المخاطر التي قد يتعرض لها الزيدي أو أكثر، فهذه مسألة أخرى، لا يتسع المجال لنقاشها هنا.

كما أنني أعتقد أن صفة رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة لحرية الإعلام الرسمية بالحكومة، لا تساعد على ترسيخ صورة استقلالية المركز إقليمياً ودولياً، وتلقي بشبهة سياسية على نوعية من سيستضيفهم المركز مستقبلاً...

ثمة سؤال يشغلني، هل انتقلت إنفلونزا تأخر إنجاز الطرق التي ما زالت تحت الإنشاء في الدوحة إلى موقع مركز الدوحة لحرية الإعلام على الإنترنت؟!



والله من وراء القصد،،،
عبدالله بن حمد العذبة
alathbi@gmail.com


المصدر العرب الثلاثاء 06-10-09

http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=100192&issueNo=655&secId=16

ليست هناك تعليقات: