2009-07-13

على طاولة الأمين العام..

على طاولة الأمين العام..

تطرقت في مقالتي التي نشرت هنا بتاريخ 21-06-09 إلى بعض المآخذ على عمل المؤسسة العربية الديمقراطية التي تتخذ من عاصمتنا الدوحة مقراً لها، حملت عنوان «أين القطريون من الديمقراطية»؟، بيد أنني تلقيت رسالة إلكترونية من أحد القراء الأفاضل أورد فيها معلومات «هامة جداً» حول الملابسات المتعلقة بالانتخابات اللبنانية الأخيرة، وأمر مراقبتها - تحديداً - وماهية دور «المؤسسة العربية للديمقراطية» في هذه الانتخابات.

وعليه سنتطرق اليوم في هذه الزاوية إلى تلك الملابسات، وإن كنا لا نتوقع رداً، أو توضيحاً من أمين عام المؤسسة العربية للديمقراطية التي تحمل على عاتقها لواء الديمقراطية ونشرها في الدول العربية، سيما وأنها ترفع شعار التواصل مع الآخرين.

اطلعت على ما نشرته صحيفة المستقبل اللبنانية بتاريخ 4-6-09 حول مراقبة انتخابات الصيف الساخن في لبنان، ووجدت أن من قام بعملية المراقبة وتنظيمها هي «الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات» بالتعاون مع التحالف اللبناني لمراقبة الانتخابات، واللذين قاما بدعوة العديد من المراقبين من العرب وغيرهم، وهذه التفاصيل موجودة على موقع الجمعية اللبنانية آنفة الذكر http://www.observe.ladeleb.org

ولم تتم الإشارة إلى أن المؤسسة العربية للديمقراطية كمؤسسة مجتمع مدني، قد تمت دعوتها لمراقبة الانتخابات النيابية من قبل وزارة الداخلية اللبنانية، أو حتى قامت بمراقبة سلامة العملية الانتخابية منفردة، وهذا سيثير الكثير من اللبس حول التصريحات الصادرة عن المؤسسة العربية للديمقراطية ومراقبتها للانتخابات النيابية اللبنانية والتي نشرت بالصحافة القطرية الشهر الماضي.

الجدير بالذكر أن المؤتمر الصحفي الذي عقدته الجمعية اللبنانية لمراقبة الانتخابات – LADE - بالتعاون مع التحالف اللبناني لمراقبة الانتخابات في فندق «السفير» في شهر يونيو الماضي شهد انطلاق مشروع «المراقبون والخبراء العرب» - على لسان أمينها العام زياد عبدالصمد- الذي يتألف من «35» مراقباً وخبيراً من 17 دولة عربية شاركوا في مراقبة الانتخابات اللبنانية الأخيرة.

وكانت هذه أول مرة، سواء في تاريخ لبنان وكذلك في تاريخ المنطقة العربية، تتم دعوة مُـراقبين عرب ينتمون لمنظّـمات مستقلة، تمثِّـل جزءا من المجمع المدني.

كما أنني وجدت في مواقع أخرى كثيرة أن صاحبة المُـبادرة هي «الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات»، التي انطلقت مسيرتها في عام 1996 وقد حوربت في البداية، وقال عنها يومها وزير الداخلية ميشال المُـر: «لن نسلِّـم الدولة لجمعيات تدّعي الديمقراطية، وأهدافها سياسية»، لكن بعد حصولها على الترخيص القانوني في سنة 2005، أطلـقت مبادرة «التحالف اللبناني لمراقبة الانتخابات»، الذي تجاوز عدد الجمعيات المُنخرطة فيه 50 جمعية مدنية.

أما السيد محسن مرزوق الأمين العام للمؤسسة العربية للديمقراطية فأعرب عن استعداد المؤسسة لدعم هذه المبادرة ماليا، مُـعلنا بأن المحطّـة القادمة ستكون في موريتانيا بمناسبة الانتخابات الرئاسية التي ستجرى خلال النصف الثاني من الشهر الحالي.

ولكن هل تعني مبادرة الدعم المالي الكريمة من المؤسسة العربية للديمقراطية والتي أعرب عنها الأمين العام أن المؤسسة التي يقبع على رأسها التنفيذي هي من أطلقت المشروع أو كان من بنات أفكارها؟!

هذا ما نأمل أن يتم توضيحه بكل شفافية وديمقراطية في الأيام القادمة على صفحات صحيفة «العرب» التي ترفع شعار «الحقيقة عن كثب».

والله من وراء القصد؛؛؛

عبدالله بن حمد العذبة
كاتب قطري
alathbi@gmail.com


المصدر العرب الإثنين 13-7-2009 http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=88774&issueNo=567&secId=16

2009-07-06

مفارقات إعلامية!

مفارقات إعلامية!

عطفاً على مقالتي "السياسة الإعلامية والثقافية" التي كتبتها الأسبوع الماضي حول مقالة وزير الثقافة المنشورة بالزميلة الشرق الشهر الماضي، والتي رأى فيها ضرورة عدم تقييد القوانين لحرية التعبير وحرية الثقافة، لأن الكثير من الدول- تُشرع القوانين لقمع حرية التعبير والثقافة- وكان محقاً فيما ذهب إليه حينئذ، إلا أنه نسف مقالته لاحقاً وتراجع عما جاء فيها قبل أن يتلاشى صداها، بتصريحاته في اجتماع مجلس الشورى الأخير بعد ضم إدارة المطبوعات والنشر لوزارة الثقافة، حين قال بوجوب فرض الرقابة مرة أخرى على وسائل الإعلام الداخلية والخارجية باختلاف أنواعها!

وعلى الرغم من إشارة وزير الثقافة إلى ضرورة الأخذ برأي اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان حول قانون الإعلام المزمع سنه، إلا أن إشارته تلك لا تبعث على الطمأنينة في نفوس الكثيرين، لأن تصريحاته تتصادم مع تقرير اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان حول أوضاع حقوق الإنسان في قطر لعام 2008، خصوصاً وأن التقرير لا لبس فيه حول أوضاع ممارسة حرية التعبير والرأي الآخر بالصحافة القطرية، حيث ورد في تقرير اللجنة آنفة الذكر ما يلي: "ترى اللجنة أهمية إعادة النظر في القانون رقم 8 لسنة 1979 بشأن المطبوعات والنشر، لما تتضمنه بعض أحكام هذا القانون من العديد من القيود المتعلقة بإجراءات تأسيس المطبوعات الصحفية فضلاً عن القيود المتعلقة بحرية النشر، وما تضمنه من عقوبات سالبة للحرية في شأن قضايا النشر، والتي - لم تعد- تساير التطورات المستجدة على الساحتين، الوطنية والدولية، فضلاً عما تنطوي عليه من تقييد لحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة، كما تأمل اللجنة في سرعة إنجاز هذا القانون، على النحو الذي يكفل رفع القيود بالقانون الراهن إلغاء العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر".

كما يرى آخرون أن تصريحات وزير الثقافة كانت مطابقة لتصريحات وزراء الإعلام العرب، عندما تلبسوا ثياب وزراء الداخلية والأمن في العالم العربي في اجتماعهم بالقاهرة لإقرار وثيقة تنظيم البث الفضائي، ومع أنهم غلفوها بمعسول الكلام وجميله حول "حرية التعبير المسؤولة"، مثل: "تهدف إلى تنظيم البث واستقباله في المنطقة العربية، وكفالة احترام الحق في التعبير عن الرأي، وانتشار الثقافة، وتفعيل الحوار الثقافي من خلال البث الفضائي". إلا أن كلاً من دولة قطر وجمهورية لبنان تحفظتا على الوثيقة، لأنها تستهدف ضرب ممارسات الحرية والديمقراطية في قناة الجزيرة التي ترفع شعار الرأي والرأي الآخر، بالإضافة إلى وسائل الإعلام اللبنانية، كما أن الوثيقة تستهدف القضاء على حرية التعبير والرأي الآخر على وجه التحديد والذي تُـرفع شعاراته في كل من قطر ولبنان.
ونزيد على هذا أن تصريح وزير الثقافة يتعارض مع الخطاب السياسي والنهج الفكري للقيادة القطرية، التي رفعت الرقابة عن الصحافة منذ سنة 1995، ولا أدل على هذا من أن معالي رئيس مجلس الوزراء تحدث عن الوضع الإعلامي في قطر بكل فخر واعتزاز وشفافية، وأوضح أن الحكومة القطرية لا توقف المجلات والصحف الأجنبية حتى وإن كانت تتهجم على قطر وسياستها الخارجية.

أما إن سألتمونا عن حالة الصحافة القطرية الآن..
فحالها يرثى له، وصرح بذلك الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة لحرية الإعلام ورئيس المؤسسة الإعلامية ورئيس مجلس إدارة قناة الجزيرة، عندما تحدث في احتفال يوم الصحافة العالمية بالدوحة والذي نظمته اليونسكو عن مشكلة الرقابة الذاتية المزمنة التي تعاني منها الصحافة المحلية منذ رفع الرقابة الحكومية عنها، قائلاً: "إن الصحف لا تزال تمارس رقابة ذاتية زائدة عن اللزوم، ومبالغا فيها".

كما أن السيد وضاح خنفر مدير عام قناة الجزيرة، التي تبث برامجها الجريئة من قطر، انتقد الحكومات العربية في مقابلة له مع مجلة الأعمال العربية - Arabian Business - أمس الأحد الموافق 5-7-2009 حيث أكد على أن الحكومات العربية لم تقم بعمل الكثير لدعم حرية التعبير والرأي الآخر منذ انطلاقة الجزيرة والتي مر عليها 13 سنة الآن، وقال في المقابلة ذاتها إن الحكومات العربية ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك من خلال سن قوانين وتبني وثائق تُلجم الرأي الآخر وتقمعه.

إننا مع سن قانون إعلامي ينظم حرية الإعلام بكافة أشكاله، ولا يخنق حرية التعبير والرأي الآخر بحجة حماية الحرية، وفي الآن ذاته يحق لنا أن نسأل: ما الفائدة من وجود الرأي الآخر؟ وما هو دور الإعلام القطري المحلي بكافة أشكاله؟

أهو توعويٌ؟ أم قمعيٌ؟ يُرسخ التلقين: افعل هذا ولا تفعل ذاك!

والله من وراء القصد؛؛؛


عبدالله بن حمد العذبة
كاتب قطري
alathbi@gmail.com


المصدر العرب الإثنين 6-7-2009 http://www.alarab.com.qa/details.php...o=560&secId=16