2008-10-27

زاوية منطقية : هل رسخ إعلامنا الديمقراطية؟

هل رَسخَ إعلامُنا الديمُقراطية؟

في إحدى حلقات برنامج مناظرات الدوحة الشهير - Doha Debates http://www.dohadebates.com - والذي تموله وترعاه مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع بدون تدخل منها أو من الحكومة في محتواه بالتعاون مع هيئة الإذاعة البريطانية الشهيرة BBC والتي تبثُ هذه المناظرات على شبكتها.

شدني في المناظرة التي عُقدت بتاريخ 16-9-2008 أن 64% من الحاضرين وكانوا 350 صوتوا للرأي الذي يرى أن عملية التحول الديمقراطي في الدول العربية توقفت بشكل كامل؛ بل ويرون أن هناك تراجعاً عن المكاسب الديمقراطية التي رُبما تحققت مؤخراً.

قد يكون ما حدث بموريتانيا مؤخراً ألقى بظلاله على التصويت؛ وهذا يعكس وعي المصوتين ورصدهم لما يحدث على الساحة.

كما أن الأكاديمي المصري د. عمرو حمزاوي في المناظرة ذاتها يرى أن معظم الدول العربية تفتقر إلى أساسيات الديمقراطية مثل البرلمانات المُنتخبة بنزاهة والتي تعبر عن رأي مواطنيها وتفتقر إلى منظمات المجتمع المدني الحقيقية بعيداً عن تدخل السلطة التنفيذية في تشكيلها أو التأثير على عملها.

ولاحظتُ أن هُناك جدلاً حول عدم استقلالية السلطة القضائية في بعض الدول العربية من خلال عدم تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات؛ وكل هذه الأمور تُعتبرُ من أركان النظام السياسي الديمقراطي في كل الدول راسخة القدم ديمقراطياً.

بيد أنني أعتقد بأن الأمور في دولة قطر حالها أفضل؛ وهذا لا ينفي حاجتها إلى المراجعة المستمرة لتقويمها وإصلاحها؛ حيث رفعَ سمو الأمير المفدي الرقابةَ المُباشرة عن الإعلام المحلي في عام 1995 إيماناً منه بدور الإعلام في تنفيذ التحول الديمقراطي.

كما أن الدستور يؤكد على أن التحول للديمقراطية أمرٌ لا رجعة عنه حيث جاءت المادة الأولى بالدستور مُقررة أن دولة قطر دينها الإسلام، والشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع ونظامها ديمقراطي.

كما جاء الدستور مؤكداًً على التوجه نفسه ليقومَ الإعلام المحلي والمُفكرون وكُتاب الرأي بدورهم لترسيخ الديمقراطية على أرض الواقع للتأكيد على احترام كل الآراء؛ بدون أن يقومَ أحدٌ بالطعن في نوايا الآخرين أو أن يقوم بالمزايدة على مواطنة أو وطنية أحد للتدليل على صحة ما يعتقد؛ لأن القانون يعالجُ السلوك الظاهر لا النوايا.

وهذا ما كفلته المادة (47) من الدستور والتي تنصُ على : حُرية الرأي والبحث العلمي مكفولةٌ وفقا للشروط والأحوال التي يحددها القانون.

كما أن المؤسسة العربية للديمقراطية التي أسستها قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع لتشجيع دول المنطقة على تطبيق الديمقراطية والأخذُ بها فكراً وممارسةً كما أنها تُقرُ بدور منظمات المجتمع المدني باعتبارها من أهم هياكل وأدوات التحول الديمقراطي مُشددة على وجوب إزالة ما تواجهه تلك المنظمات المدنية من صعوبات وعراقيل سواء كانت من ناحية إشهارها أو ممارساتها.

كما أنني لا أنفي أن بعض منظمات المجتمع المدني هُنا ما زالت تنتظر الموافقة على إشهارها، وإيماناً مني بأن التغيير لا يحدثُ بين عشيةٍ وضحاها رأيتُ من باب دعم توجهات الدولة أن أشير إلى ذلك من باب المُراجعة والتذكير.

كما أنني أعتقد بأن إعلامنا لم يقم بواجبه في أحيان كثيرة بكفاءة لترجمة رؤى القيادة العليا لجعل الديمقراطية واقعاً مُعاشاً لا حبراً على ورق في الدولة.

وأعتقد أنه آن أوان غربلته بأيدٍ وطنية تُترجم التوجهات المكتوبة نحو التحول الديمقراطي إلى ممارسات واقعية وظاهرة للعيان.

كما أنني أود أن أسأل عما إذا قامت مؤسساتنا الصحفية العتيدة بدورها المطلوب لنشر الوعي وطرح كافة الآراء المخالف منها والموافق على صعيد القضايا المحلية؟

لا اعني البتة الحديث عن شوارع مغلقة أو انقطاع مؤقت للكهرباء هنا أو هناك أو أن تزعم صحيفة أو أحد كتابها أنها الأكثر توزيعاً.

وهل عملت صحفنا على استقطاب القطريين للعمل فيها بالتعاون مع الحكومة؟

وكم هو عدد القطريين الصحافيين والإداريين في هذه المؤسسات الصحافية الأربع؟ ألا يُعدون على الأصابع؟!

وهل طالبت صحفنا العتيدة بضرورة تشريع قانون جديد يكفل حرية التعبير لتفعيل المادة (47) من الدستور وليُلغي قانون المطبوعات والنشر رقم (8 / 1979) الصادر في سنة 1979؟!

أم أنهم ينتظرون مركز الدوحة لحرية الإعلام أن يقوم بدورهم؟

وهل يستطيع القارئ أن يفرق بين المحتوى الإخباري لصحفنا الأربع؟

أم أنه يكفي أن تطلع على صحيفة لتُغنيك عن شقيقاتها السياميات الثلاث الأخرى؟!.

وبالانتقال إلى إعلامنا المرئي الذي يفترض أن يكون ذا بصمة قطرية وطنية واضحة؛ عجزتُ أن أجد في الفضائية القطرية ما أبحث عنه!

فأين هي؟!

وهل تحرص فضائيتُنا اليتيمة على معالجة القضايا المحلية الحساسة؟

هذا إذا استثنينا برنامج لكم القرار والذي يبث بكل أسف مسجلاً! وليس على الهواء؛ والذي يُمكن تلافي أحد وجوه القصور فيه من خلال استضافة ضيف آخر بالحلقة يطرح وجهة نظر مغايرة ليكون القرارُ لنا.

وهل سأل أحدُ المُتنفذين في إعلامنا نفسه كم هو عدد المذيعين القطريين في الفضائية القطرية؟

ولماذا؟ وأين هو الخلل؟

وما هي الطريقة المُثلى لمعالجته؟

وهل ما تعرضه يعكس واقعنا الثقافي والاجتماعي؟

إنني أعتقد بأن إعلامنا يحتاج إلى إعادة غربلة ليقوم بما هو مطلوب منه لترسيخ الديمقراطية بمجتمعنا لتكون قطر بأيدي أهلها لا بيد آخرين أنموذجاً للصدارة وفي المقدمة كما نأمل وننشُد جميعاً!

فمن لها؟

والله من وراء القصد،،
بقلم : عبدالله بن حمد العذبة
كاتب قطري

alathbi@gmail.com

المصدر الراية الأثنين 27-10-2008
http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=389495&version=1&template_id=168&parent_id=167

ليست هناك تعليقات: