2008-10-06

زاوية منطقية : سقوط صنم الليبرالية الرأسمالية!

سقوط صنم الليبرالية الرأسمالية!

اتخذ الليبراليون الاقتصاديون الجدد نظرية أن السوق قادرٌ على أن يصلح نفسه إلهاً يُعبد ليل نهار بل وهم نيام لا ينتجون!.



لأنه يغدق عليهم الأموال وإن كان ذلك عن طريق المقامرة والمضاربة بواسطة البنوك ومراكز المال التي تبيع ديوناً مشكوكاً في تحصيلها إلى بنوك ومستثمرين آخرين.

إن الراصد لمآسي الرأسمالية وظلمها للمجتمع يستطيع أن يلمس فشلها الذي يعاد على مرآنا كفيلم سخيف دون احترام للعقول.


ولم يكن السقوط هذه المرة في شرق آسيا للنمور السبعة مرة أخرى ولكن الأعجب هذه المرة هو سقوط صنم الليبرالية الاقتصادية والرأسمالية في عقر دارها أمريكا وفي عقر حليفتها وأمها البريطانية التي أورثتها عشق الاستعمار الاقتصادي والعسكري للعالم.


وللتوثيق خرجت الليبرالية الاقتصادية من رحم أفكار الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان الذي أصيب بمرض الشيخوخة المبكرة "الزهايمر" وحليفته شبيهة الرجل مارجريت تاتشر التي سميت افتراء على المرأة؛ بالمرأة الحديدية متناسين أن الحديد يصدأ.


لقد أُطلق على هذا الاتفاق اسم "تحالف واشنطن" الذي تبنى الليبرالية الاقتصادية التي تُنادي بالخصخصة للثروات القومية والوطنية لمدخرات الشعوب ومصدر حياتها لتحتكرها حفنة صغيرة من البشر يملأها الجشع.


وأصبح مصدر القوة عندهم هو المراكز المالية لا المصانع المنتجة.

والبنوك المركزية في الليبرالية الاقتصادية لا تهتم إلا بمكافحة التضخم ولا شيء يعنيها غير ذلك ولم يكن من صميم عملها الرقابة الصارمة على ما تقوم به البنوك من مقامرات ومضاربات وخداع للمقترضين المغفلين لا المنتجين بطبيعة الحال.


ولم تستطع الليبرالية الاقتصادية أن تتحكم في التضخم لأن حجم السيولة المتداولة في كل أصقاع العالم يزيد بمئات المرات على ما يتم إنتاجه فعلياً ولا غطاء حقيقي لهذه السيولة.


وبدأت البنوك الغربية وغيرها من البنوك في رحلة تسهيل منح القروض من غير وجود ضمانات كافية ومع معرفة تامة بأن المقترضين لن يستطيعوا تسديد هذه القروض على أمل أن هذه الأراضي والعقارات ستزيد أسعارها متناسين أن أسعارها تتضخم بشكل غير صحي ومنطقي جاعلين من الأمل في أن يزيد سعرها وسيلة لتسديد القرض وبيعها لاحقاً وهذا ما لم يحدث!

مما أدى إلى دخول البنوك الجشعة في دوامة عجز المدينين عن السداد بعد أن هوت أسعار العقارات لجفاف سيولة هذه البنوك التي قامرت بأموالها لا تمتلكها وأفلس الكثير من المقامرين بشراء هذه القروض الربوية التي خدعتهم البنوك ببريق أرباحها وكان منهم رأسماليون عرب.



نعود لما حصل في قطر وهو ما يهمنا بالدرجة الأولى لمعرفة تبعات القروض الضخمة التي منحتها البنوك المحلية وغيرها العاملة في قطر للمقترضين والتي دفعت إلى المزيد من جشع ملاك الأراضي والعقارات عن طريق رفع أسعار ممتلكاتهم العقارية لأنهم يعلمون أن البنوك ستمول شراء هذه العقارات مهما ارتفع ثمنها بكل أسف.


ولكن مصرف قطر المركزي تنبه لاحقاً لهذه المخاطر وإن كان الأمر متأخراً بعض الشيء حيث قلل من الحجم المسموح بمنحه للقروض للقطريين وغيرهم في قطر مقابل الضمانات وقلل من عدد سنوات سداد القروض.


وأتوقع أن تشهد ٍأسعار العقارات في قطر والخليج تصحيحاً نتيجة للزلازل الاقتصادية في عقر دار الليبرالية الاقتصادية في أمريكا وبريطانيا وبعد أن سحب بعض المستثمرين أموالهم من دول الخليج والتي كانت تضخ في سوق العقار.




بكل اختصار يجب أن نعيد النظر في عملية التخصيص وتحرير السوق لصالح الخارج ويجب أن تعيد الحكومة النظر في أمر تخليها عن الرقابة على السوق والأسعار بل وبصرامة ويجب أن ندعم منتجاتنا المحلية والخليجية والعربية ولا نتخلى عنها لصالح الشركات الخارجية ويجب أن يتم التدخل من قبل الحكومة للإسراع بإطلاق جمعية حماية المستهلك لكي تقوم هذه الجمعية بتوعية المستهلكين من خطورة القروض وبطاقات الائتمان التي تشكل خطراً كبيراً على المستهلكين الذين تخدعهم الإعلانات البراقة.


أعتقد أن على دول الخليج أن تسارع في توحيد عملتها وإبطال الزواج الكاثوليكي الذي ما أنزل الله به من سلطان بين عملتها وبين الدولار المترنح والذي تعاني أمه من عدم القدرة على علاج مشاكلها الاقتصادية خصوصاً بعد أن كفرت بعض الدول الأوروبية بإله الليبرالية الاقتصادية الذي جعلت منه أمريكا ظلما وعدواناً إلها للبشر ولقد كان الكفر به واضحاً في ألمانيا وفرنسا.


الرأسمالية بكل بساطة تغلب مصلحة الفرد على الجماعة والشيوعية تقتل الملكية الفردية لصالح الجماعة وهاهي الشعوب الغربية ترى حكوماتها تؤمم البنوك لأول مرة في تاريخها كما كانت تفعل الشيوعية.


- عليه - ما هو أفضل نظام اقتصادي ويصلح للبشرية التائهة؟ ما هو النظام الذي يجمع بين الاحتياجات الفردية والجماعية دون غلو؟

إنه النظام الاقتصادي الإسلامي الذي لا يقامر بأموال الناس ولا يجعل من البشر عبيداً للمال.


هو الحل الأكيد والدليل هو مناداة ألمانيا بتبني الاقتصاد الاجتماعي والذي يتسق مع الاقتصاد الإسلامي.


ولا عزاء لأمريكا ولدولارها الليبرالي الذي اتخذه البعض إلها!

والله من وراء القصد ؛؛؛

بقلم : عبدالله بن حمد العذبة
كاتب قطري
alathbi@gmail.com


المصدر الراية الاثنين 6-10-2008 http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=383675&version=1&template_id=168&parent_id=167

ليست هناك تعليقات: