2011-04-12

مجلس التعاون والطموح القادم!


لم يكن دور مجلس التعاون للخليج العربي واضحا منذ عقود مرت على تأسيسه على الساحة الإقليمية والعربية كما هو الآن، نقف احتراما ونحيي قادته على دورهم الواضح في فرض الحظر الجوي على ليبيا لحماية الشعب الليبي الأعزل، كما نحيي دور المجلس الواضح والمؤثر في عمقنا الاستراتيجي في جزيرة العرب، عندما خرجت المبادرة القوية التي تطلب من علي عبد الله صالح التنحي عن السلطة.

صدقاً كأنني أحلم، لم أتوقع أن يكون دور مجلس التعاون واضحا وصريحا وبهذه القوة والفاعلية.

من الواضح لأي مراقب أن مجلس التعاون انكشفت له كل الأوراق دول الإقليم والأميركية، بعد أحداث البحرين المؤسفة، والاختراق الأمني الذي تعرضت له الكويت مؤخراً، وقبلها البحرين، وعليه أن يعي الآن دوره الحقيقي والمؤثر، سواء على مستوى الخليج وجزيرة العرب، أو في العمق العربي، ومصر خصوصاً.

لقد قلب دخول قوات درع الجزيرة الطاولة على الأميركان والدول التي تطمح في أن يكون لها دور شرطي المنطقة، وهذا ما لم يتوقعه أحد، الاختلاف بين حكومات مجلس التعاون للخليج العربي أمر طبيعي ويحدث بين كل الدول، ولكن الأجمل هو تجاوز هذه الخلافات عندما تتعلق الأمور بالخطوط الاستراتيجية الحمراء التي لا يمكن الاختلاف حولها.

أما بالنسبة لمدى شرعية وقانونية دخول قوات درع الجزيرة، والآراء الخليجية التي تطعن في شرعيته، والتي ترى أن في هذا انتقاصا لسيادة البحرين الشقيقة، فإنني أرى أن دخولهم وتواجدهم أمر طبيعي، وهو أكثر شرعية من تواجد الأسطول الخامس الأميركي في البحرين، ومن أي تواجد عسكري لدول حليفة في المنطقة، وفي جميع الأحوال لم يستطع أحد حتى الآن أن يثبت تدخل هذه القوات -محدودة العدد- في الشأن البحريني الداخلي، ولا أرى دخول هذه القوات إلا رسالة سياسية واضحة توضح لكل الدول أن أمن البحرين والمنطقة الاستراتيجي خط أحمر، وليس حديقة خلفية لتعبث بها أية قوى خارجية بأصابع داخلية أعلنت تحالفها بكل صراحة مع دول خارجية.

وهذا لا يعني أن نصعد الاحتقان الطائفي في البحرين الذي ستكون له تداعيات خطيرة في المستقبل على أمن البحرين والمنطقة، ولكن يجب أن يطبق القانون على من باعوا أنفسهم وأوطانهم لقوى طمحت عبر قرون في السيطرة على البحرين، لتصل إلى ما بعدها، مستخدمة الذراع الطائفي لتحقيق مطامعها التي صرحت بها ولم تخفها.

الحكومة الأميركية وغيرها من حكومات الدول تبحث عن مصالحها في هذه المنطقة، وهذا منطقي ومفهوم، ولكن يجب ألا تتحول علاقة مجلس التعاون من علاقة تحالف مع الأميركان إلى علاقة تابع، نريد أن نكون شركاء لا تبعا لأحد.

نتمنى ألا تكون مواقف مجلس التعاون بالخليج العربي الأخيرة مجرد ردة فعل تتضاءل بمرور الوقت، ولكي يتحقق هذا يجب أن يتجه المجلس شرقاً إلى الصين وغيرها من الدول، لخلق نوع من التوازن الاستراتيجي، وبناء قوة سياسية وعسكرية تحمي المنطقة من الأطماع الخارجية، وهذا لا يتأتى دون الإصلاح في الداخل، وتوسيع المشاركة الشعبية في صنع القرار، وإنشاء مراكز وطنية استراتيجية لا تدجنها الحكومات ولتأخذ منها ما تريد ولتتجاهل ما لا يروق لها، كما يجب ألا نعتمد على مراكز التفكير الغربية
- Think Tank -
لأنها تفكر لمصلحة أوطانها قبل كل شيء، وتعمل على اختراق وتمييع عقول أبناء المنطقة وأدلجتها لتحقيق مصالح أوطانها.

الخليج والعمق العروبي المصري سيكون قوة هائلة في المستقبل إذا ما دعمنا الديمقراطية هناك، ولأن هذا قدرنا مع مصر وقدرها.

في الختام لكي تكون قوياً في الخارج لا بد أن تكون قويا من الداخل، وذلك من خلال ثقتك بعقول أهل الوطن التي لا تبغي إلا الإصلاح لا إسقاط الأنظمة، والتفاف أهل الكويت حول آل صباح بعد الغزو العراقي خير دليل على أن الشعوب في الخليج تريد إصلاح الأنظمة لا إسقاطها، فافتحوا الأبواب لسماع صوت مواطنيكم.

والله من وراء القصد؛؛؛

عبدالله بن حمد العذبة
alathbi@gmail.com

المصدر جريدة العرب الثلاثاء الموافق 12-4-2010

http://www.alarab.com.qa/details.php...=1213&secId=16

ليست هناك تعليقات: