2011-05-07

تغطية الجزيرة تسقط الأقنعة!

امتازت الجزيرة في تغطية الثورات العربية ابتداء من تونس مروراً بمصر التي قالت عنها المصرية الثائرة نوارة نجم «بشكر تونس وبشكر الجزيرة، مافيش خوف تاني!» باللهجة المصرية الجميلة، ولم تكن تغطية الجزيرة للثورة المصرية أقل مهنية في ليبيا أو في سوريا الشقيقة.
وما زالت الجزيرة تثبت أنها ذات توجه عروبي قومي تدعم خيارات الشعوب وتمثل صوتهم.
وكل منصف يعرف أن الجزيرة غيرت المشهد الإعلامي في العالم العربي سواء اتفق أو اختلف معها، والدليل على صحة ما نقول انطلاقة الزميلة قناة العربية بعد تدشين الجزيرة كردة فعل، ومن ثم لحاق الحرة وبي بي سي العربية وفرانس 24 وروسيا اليوم الذين يريدون الحصول على شريحة من المشاهدين، مما يخلق منافسة حقيقية للجزيرة، ولكننا ما زلنا نراهن على تفوق الجزيرة، وسنبقى ننتقد الأخطاء لتصحيح المسار فيها لتبقى في القمة متى ما لزم ذلك.
لم يرق لي تعاطي زميلتي مذيعة الجزيرة رولا إبراهيم مع الثورة السورية في يوم الجمعة الماضي الموافق 29 أبريل، الذي كان يوماً مفصليا في ثورة هذا الشعب العربي الحر، لأنه من غير المقبول أن تقر زميلتنا بأن الشاهد على أحداث درعا الدامية يريد حماية نفسه، ولكنها في الآن ذاته تطلب منه أن يحدد موقعه، ففعل الشاهد الشجاع ورغم هذا أنهت شهادته على عُجالة!.
إننا نلتمس العذر للزميلة رولا، فلعلها تخشى من بطش أمني يطالها أو يطال ذويها في سوريا، فيما لو تعاطت بموضوعية مع المتصلين من سوريا، ولهذا نطلب من إدارة الجزيرة أن تعذر وتبعد الزملاء الذين قد تؤثر أحداث الثورات العربية في دولة ما على موضوعيتهم ومهنيتهم في التعاطي مع المتصلين الذين يدلون بشهاداتهم حول الإبادة والبطش مراعاة لظروفهم، ونحن إذ نطلب هذا من الجزيرة فإننا على ثقة من أن الجزيرة ستتخذ ما يلزم لمنع مثل هذه الأخطاء لكي لا تؤثر على مصداقيتها وموضوعيتها في التعامل مع ملف ثورة سوريا الشائك، لأن الجزيرة لم تعد مملوكة لأحد، بل هي مملوكة للشعب العربي من الخليج العربي إلى المحيط الهادي.

السقوط المدوي

كل الإعلاميين والمهتمين بالمشهد الإعلامي رأوا كيف أن الزميلة لونا الشبل تدعي أن الجزيرة تخون الأمانة الإعلامية وتشوه الحقائق حول ثورة سوريا، وأنها -الشبل- تدعم القومية العربية التي يقودها بشار الأسد الذي قال عن الحكام العرب إنهم أشباه رجال، ولكنني لا أذكر أن وسائل الإعلام قالت إن الشبل استقالت من الجزيرة بسبب موقف قومي أو عدم مهنية، ولكن بسبب أنها تعرضت لمضايقات حول حرية ما تلبس أثناء ظهورها على شاشة الأخبار في الجزيرة، إلا إن كانت زميلتنا القومية تعتقد أن لباسها أثناء الظهور على شاشة الأخبار جزء من القومية العربية الذي لن تسمح لأحد أن يمسه!
توقعت من زميلتي لونا أن تلتزم بالحد الأدنى من ميثاق الشرف الإعلامي الذي يلتزم به كل صحافي نحو المؤسسة التي يعمل بها أثناء عمله أو بعد الرحيل وإن كان مراً، بعيداً عن خلق مزاعم تدغدغ مشاعر الناس البسطاء مثل غرفة أخبار تتعاون مع «CIA».
هل تبنت زميلتنا كل هذه الادعاءات على الجزيرة لأنها في سوريا وتخشى أن تقمع هناك أم لأنها تريد تحرير الجولان مع أبطال القومية العربية التي يخلطها الكثير من الإعلاميين العرب بالتطلعات الإيرانية في المنطقة ولا يميزون بين هذه وتلك؟!


من جهة أخرى سعدت كما سعد الكثير من الإعلاميين المهنيين باستقالة غسان بن جدو وقبولها الفوري، لأن الرجل لم يعد يميز بين أن يكون مقدماً أو ناطقاً باسم حزب الله أو إيران أو أي نظام ممانع حسب تصنيفهم، سيما وأن نبيل رجب رئيس جمعية حقوق الإنسان البحرينية يقول إن استقالة بن جدو أتت على خلفية عدم تغطية أحداث البحرين المؤسفة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل تذكر بن جدو الثورة في البحرين ذات الأبعاد الطائفية بعد شهر؟! أم بعد أن غطت الجزيرة بموضوعية ومهنية الثورة السورية؟ أم أن المعلومات تصل إلى الدماغ متأخرة، وكلٌ يدعي وصلاً بليلى وليلى لا تقر لهم بوصلِ؟!

مشهد درامي
رفع إصبعه الشريف في الهواء، وقال: «يجب أن تسقط أميركا في الخليج العربي لأنها حبيبة الظلام»، ثم نفث دخان سيجارته مستطرداً: «لكن لا بد من الانبطاح لإيران ليعم في الخليج الفارسي السلام!»، وفي مكان آخر كان صديقه المُتأيرن الذي اعتاد تحريك نظارته ليقول لمن حضر: «انظروا لي أنا، نعم أنا، لأنني سيد إعلاميي البشر، تسقط الأرض بدوني والجزيرة والشجر! إنني صوت إيران بلسان عربي يا غجر!»
والله من وراء القصد.


المصدر العرب الإثنين الموافق 2-5-2011
http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=185948&issueNo=1233&secId=16

ليست هناك تعليقات: