2008-07-24

زاوية منطقية: البرلمان الطلابي وإرهاصات الشورى المُنتخب!

البرلمان الطلابي وإرهاصات الشورى المُنتخب!

سمو الأمير حفظه الله

اجتماع لمجلس الشورى القطري المعين

أبدأ مقالي بعد ذكر الله بأقوال لصاحب السمو أميرنا المفدي حفظه الله والتي رسم بها إستراتيجيته الحكيمة لخطته للارتقاء بقطر حيث قال سموه : إن المواطن القطري يحتل مكان الصدارة فيما يتعلق بأهداف وغايات خطتنا الشاملة ويقول سموه : إن تصميمنا علي تطوير روح المشاركة الشعبية في صنع القرار وتحمل مسؤولياته هو تصميم ثابت لا تراجع عنه .

كما أُسجِل إعجابي الكبير لتوجهات صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند حرم سمو الأمير - حفظهما الله - الوطنية ومنها ما وجهت به لتعميم البرلمانات الطلابية بالمدارس المستقلة وإنشاء برلمان موحد ومثل هذه التوجيهات تؤكد علي استمرار القيادة العليا بالدولة وإستراتيجيتها الصائبة بعيدة المدي والتي لا تنظر إلي مصالح آنية وتعمل علي ترسيخ الرأي والرأي الآخر خصوصاً وأننا نمر في مرحلة مهمة تاريخية في قطر ألا وهي قُرب انطلاق الانتخابات - التشريعية - لمجلس الشوري المُنتخب ثلثيه والتي سيذكرها الأجيال المتعاقبة وستسجل في تاريخ قطر والمنطقة.

ولكن هل هُناك من يعمل ضد التوجهات الحكيمة الاستراتيجية للقيادة العُليا بالدولة التي تعمل علي ترسيخ الديمقراطية والمواطنة وحقوق الإنسان؟

إن اقتراح قوانين تتعارض مع روح الدستور وروح المواطنة ولم تُدرس بشكل شامل حكيم لا تخدم مثل هذا التوجه الاستراتيجي لبناء مجتمع قطري متماسك وملتف حول قيادته ولا تنمي هذه القوانين المواطنة المنشودة وتفرغها من محتواها الأسمي.

الدستور القطري الذي صوتنا عليه بنعم بنسبة فاقت 96% لا يُوجد تقسيم للمواطنة عندما يتعلق الأمر بأداء الواجب المناط بالمواطنين؛ فلماذا يُوجد قانون الجنسية رقم (38) لسنة 2005 تقسيم للمواطنة عندما يتعلق الأمر بالحقوق السياسية؟

ولقد أكد دستورنا القطري علي أن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات كما جاء في المادة رقم (34) المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات وكما هو واضح هنا أن الحقوق قُدمت علي الواجبات في الدستور والمادة رقم (53) تنص علي الدفاع عن الوطن واجب علي كل مواطن إلا أن المادة (80) تنص علي أن تتوافر في عضو مجلس الشوري شروط منها أن تكون جنسيته الأصلية قطرية.

ولهذا يفاجأ ابن المجنس والذي يؤدي واجبه نحو وطنه قطر بأنه محروم من حقه السياسي مع أنه لم يحمل جنسية أخري من قبل؛ بل وسيبقي أبناؤه وأحفاده إلي الأبد يحملون صفة مجنسين بكل أسف.

وكيف سيكون شعور الطالب الذي حصل والده علي الجنسية القطرية بالتجنس بعد ممارسته للديمقراطية وتفاعله مع البرلمان الطلابي عندما يُصدم بأنه لا يحق له ممارسة حق الترشح، فما بالك بحرمانه من حق الانتخاب كمواطن في انتخابات مجلس الشوري المزمع عقدها وهل أمر تهميشه يخدم المواطنة وقطر علي المدي المتوسط أو البعيد؟

والكل يعلم أن لدينا مشكلة كبري وهي الخلل في التركيبة السُكانية الخطير لأن القطريين باتوا أقليةً الآن.

وتوجهات القيادة العليا بالدولة واضحة لحل هذه المشكلة وعليه رفعت اللجنة الدائمة للإسكان مُسودة السياسة السُكانية إلي مجلس الوزراء الموقر لإقرارها للحد من مشكلة الخلل الخطير في التركيبة السكانية للمحافظة علي معدلات النمو الطبيعي للمواطنين ومن بينها نشر الثقافة الوطنية التي تعمل علي الاندماج الاجتماعي بين المواطنين علي أساس الانتماء للوطن ونشر مباديء حقوق الإنسان في المجتمع القطري.

فهل تصنيف المواطنين إلي درجات يتسق أم يتعارض مع هذا التوجه الحكيم لقيادتنا العليا؟

القطريون اليوم أقلية ولم يبلغوا حتي 250 ألف مواطن فمن من مصلحته تفتيت هذا الرقم البسيط إلي فئات مع أن القطريين لا يتجاوزون 15% من مجموع عدد السكان الآن؟

ومن نافلة القول أن أشير إلي مقولة شهيرة من مقولات صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند حرم حضرة صاحب السمو الأمير المفدي حفظهما الله للوطن نريد أن يُشارك شعبُنا مُشاركةً فعالةً في بلادهم، نُود أن يشعُر القَطريون بانتمائهم للبلد الذين يعيشون فيه .

وهل تقسيمهم وحرمان فئات من المواطنين من حقهم السياسي سينمي فيهم روح الولاء والانتماء الوطني لقطر الذي تسعي لتحقيقه بكل تفان سمو الشيخة موزة؟


مسقط الرأس وتكريس القبلية

إن أمر تقسيم الدوائر علي أساس مسقط الرأس كما أعلنت وزارة الداخلية الموقرة سيزيد من الانتماء للقبيلة علي حساب الانتماء للوطن بعد أن ضعُف هذا الانتماء بمرور الزمن لصالح الانتماء للوطن.

ولا يتمشي مع توجهات المجلس الأعلي لشئون الأسرة التي لخصت رؤيتها في التالي: يتطلع المجلس إلي خلق أسرة قطرية، متماسكة، مستقرة، معتمدة علي نفسها، تفخر بثقافتها وهويتها العربية والإسلامية، تعي حقوقها ومسؤولياتها، يتمتع أفرادها بصحة عالية، تساهم بفعالية في بناء مجتمع منتج منفتح علي العالم وينعم بالاستقرار والرفاه .

بل أستطيع أن أقول إن ترسيخ القبلية من خلال دوائر انتخابية تقرر علي أساس مسقط الرأس يتعارض مع السياسة السُكانية التي رفعتها اللجنة الدائمة للسكان لمجلس الوزراء الموقر ولن يدعم ترسيخ القبيلة علي أساس مسقط الرأس الاندماج الاجتماعي بين المواطنين علي أساس الانتماء للوطن وسيضرب هذا التقسيم إسفيناً في اللحمة الوطنية في حال تم إقراره وسيحول دون تحقيق رؤية المجلس الأعلي للأسرة الذي ترأسه وترسم له الخطوط العريضة سمو الشيخة موزة وفقها الله.

ولقد دعا أحد الكُتاب في الصحافة القطرية إلي تقسيم الدوائر علي أساس مسقط الرأس لأن هذا سيضمن المحاصصة في مجلس الشوري المُنتخَب؛ فهل يعتقد أخونا المواطن العزيز بأن قطر هي لبنان أو العراق وأن القطريين طوائف؟

وهل ينظُر إلي مجلس الشوري المنتخب باعتباره كعكة يجب تقاسمها علي شكل قبائل دون غيرها؟

كلنا قطر شعارٌ أحببناه ونردده ونُريد أن نحافظ عليه!

ولكن وبكل أسي بدأ التراشق بين هذا وذاك وكلٌ يمجد قبيلته وأسرته و- فريجه - ويقول (قبيلتنا أو أسرتنا أوجدها الله في قطر قبل قبيلتكم أو أسرتكم) ؛ بل وأضفي آخرون علي ذلك التعصب للقبيلة مسحة دينية!.

تكريسُ القبلية عن طريق دوائر بدلاً من العمل علي إذابتها لا يصب لصالح الانتماء الوطني لقطر ولا تنمية المواطنة ولا الترابط بين القطريين بل سيجعل الولاء المطلق للقبيلة أولاً وقطر ثانياً.

لا نُريد أن تطل علينا القبلية بوجهها القبيح كما حدث في دولة خليجية والتي نمتها الحكومة هناك لأهداف تكتيكية ولكنها انقلبت عليها فيما بعد مما ترتب عليه مواجهة بين الحكومة والقبائل بسبب الانتخابات الفرعية الممنوعة ( المحظورة ) قانوناً.

قال تعالي: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأولِي الأَلْبَابِ).

فالقبيلة والأسرة جزء من الوطن وليست هي الوطن في زمن الدول والتحضر والتقدم.

والآن هل ستأتي رسائل علي الجوال تقول كلنا القبيلة ومسقط الرأس بدلاً من كُلنا قطر ؟

كلي ثقة من أن صدر قيادتنا العليا يتسع لهذه الآراء فلقد عرفنا عنهم الحكمة وقبولهم للرأي والرأي الآخر وأتمني عليهم أن يُعيدوا النظر في كل هذه القضايا لتنمية روح المواطنة في المجتمع القطري لكيلا يطغي التعصب المقيت ويقضي علي اللحمة الوطنية.

ونسجل لأميرنا - حفظه الله - قدرته علي رأب الصدع بين الفرقاء في لبنان فما بالك بالمجتمع الواحد في قطر غير الطائفي؟

والله ثم قطر من وراء القصد..


عبدالله بن حمد العذبة
alathbi@gmail.com
المصدر صحيفة الراية القطرية 16-6-2008 http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=356112&version=1&template_id=24&parent_id=23

ليست هناك تعليقات: