دُعي المغرب للانضمام إلى مجلس التعاون، وتم قبول طلب الأردن للانضمام له، هذا جميل ورائع! ولكن ألا يحق لنا -نحن المواطنين والشركاء في هذا المجلس- أن نستغرب من توقيت هذا الأمر؟
سيما وأن مجلس التعاون فشل في تحقيق تطلعات الشعوب الخليجية عسكرياً واقتصادياً، تحدثت مع الكثير من السياسيين والمفكرين الذين لا يفهمون سر هذا القبول المفاجئ لانضمام الأردن للمجلس، وليس الإعداد لضم اليمن، ولا يستوعبون أسباب الدعوة التي وُجهت للمملكة المغربية في قمة تشاورية لا قمة جدول أعمال.
شقيقتنا السلطة التنفيذية في المغرب رفضت الدعوة في بادئ الأمر، وفُسر لاحقاً هذا الرفض بـ «تمنع الراغبة»، لأنها أعلنت عن تمسكها بتعزيز الاتحاد المغاربي وتطويره، ولكنها لاحقاً بدأت جولات مكوكية لا تتوقف لتنضم إلى المجلس العتيد.
أرى -ومعي آخرون- أن هذه الدعوة تتلخص في أنها تداعيات لتشكيل مجلس للملكيات، ولن يستطيع إيقاف التغيير، وسيقف كقلعة هشة أمام الجمهوريات، ولهذا أقترح أن نسمي المجلس «مجلس الخليج الأبيض الميت»، الخليج رمز لدول المجلس الحالية، والأبيض للمغرب، والميت للأردن.
دعونا نعود للتاريح القريب، أي قبل 30 سنة، حين أعلن عن تشكيل مجلس التعاون لأهداف عسكرية تحمي هذه المنطقة الغنية بالنفط والغاز من الأطماع الخارجية، ولكن هل تحقق الهدف المنشود؟
في الواقع لم نر الجيش المليوني أو حتى جيش يتكون من 100 ألف مقاتل مدربين بشكل كاف للذود عن دول الخليج العربي وأهله، ولهذا لا يمكن أن يكون سبب دعوة المغرب والأردن لأهداف عسكرية خالصة، لأن الخليج العربي فيه ما لا يقل عن 30 مليون مواطن، ويمكننا هذا العدد من بناء منظومة دفاع كافية ورادعة بكل سهولة، وعليه لماذا لا نسأل هنا هل الدعوة لحمايتنا من التهديدات الإيرانية الرعناء أم لحماية الأنظمة في الأردن والمغرب، ومنع تحولها إلى ملكيات دستورية؟ وثمة سؤال آخر، «إلى متى سنعتمد على الأميركيين ليحمونا وليفكروا عنا بمراكز تفكير تبحث عن مصالح أميركا وليس مصالحنا في المنطقة، مع أن بعضها يمول بأموال عامة للخليجيين؟
ألم تدر أميركا ظهرها لنا في البحرين؟
وهل من المنطقي أو المقبول الآن أن يقاتل الأشقاء من المغرب والأردن بالنيابة عنا؟
وهل سيُقبل هذا الأمر لدى الرأي العام هناك؟
في حقيقة الأمر، لا نحتاج لأحد ليقاتل عنا ويذود عن أرضنا، ومن هنا لا بد من الإشارة إلى نفي الحكومة الأردنية وجود أي قوات تابعة لها في البحرين، وذلك ردا على أنباء ترددت عن تعرض أفراد في قوات جهاز الدرك الأردني للدهس في البحرين، وبناء على هذه الأنباء طالب حزب جبهة العمل الإسلامي –الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، في بيان له- الحكومة الأردنية بتبيين حقيقة وجود قوات أردنية في البحرين، مبديا استنكاره هذه الأنباء إن صحت!.
هناك سؤال مهم وملح، ألا تشن بعض حكومات دول الخليج حرباً ضروساً ومبالغاً فيها على الإخوان المسلمين؟
هل يتجاهلون وجود حزب العمل الإسلامي الذراع السياسية للإخوان في الأردن؟ وشبيهه في المغرب؟ ألسنا أمام تناقضات صارخة يا سادة؟!
آمل ألا تكون قوة مخابرات كل من الأردن والمغرب هي من تجعل بعض المسؤولين الذين يفكرون بعقلية أمنية يتعامون عن حقائق التغيير القادم في المنطقة، إلا إن كنا ننوي القضاء على الإخوان المسلمين وشن حرب غير مبررة عليهم ولا هوادة فيها!
يا سادة، لن تحمي أنظمة الخليج الحالية أية قوى خارجية في العالم سواء عربية كانت أو غربية.
إن الحماية الحقيقية تأتي من الداخل من خلال نزع الخوف المختلق من شعوب الخليج، لأن أنظمة الخليج تتمتع بشرعية داخلية عالية لا تخفى على متابع، ولكنها ستتآكل بسبب رفض إشراك المواطنين في عملية صنع القرار السياسي والاجتماعي، ومنع المواطنين من ممارسة الرقابة على المال العام، وبسبب استفحال الفساد الذي ينخر المؤسسات الرسمية وتعارض المصالح!
إن المواطن الخليجي لا يقف ضد وحدة الدول العربية، ولكن على مجلس التعاون القيام بإصلاحات حقيقية على صعيد المواطنة والمشاركة، وتجاوز الخلافات حول الوحدة النقدية وغيرها بين حكومات المجلس، وفتح الحدود للتنقل ليقتنع المواطن الخليجي بجدوى توسيع مجلس التعاون، لأننا لم نلمس الكثير من الإنجازات على حياة المواطن الخليجي بينما لمسها الأوروبي في اتحادهم الذي أسس بعد مجلسنا الكونفدرالي العتيد!.
أخيراً وليس آخراً من حق المواطن الخليجي والأردني والمغربي أن يصوت على استفتاء توسيع المجلس مثلما حصل في سويسرا، وأي تهميش للمواطنين سيزيد الأمور تعقيداً.
والله من وراء القصد والهادي لسواء السبيل؛؛؛
المصدر العرب الأربعاء 1-6-2011
http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=190394&issueNo=1263&secId=16
سيما وأن مجلس التعاون فشل في تحقيق تطلعات الشعوب الخليجية عسكرياً واقتصادياً، تحدثت مع الكثير من السياسيين والمفكرين الذين لا يفهمون سر هذا القبول المفاجئ لانضمام الأردن للمجلس، وليس الإعداد لضم اليمن، ولا يستوعبون أسباب الدعوة التي وُجهت للمملكة المغربية في قمة تشاورية لا قمة جدول أعمال.
شقيقتنا السلطة التنفيذية في المغرب رفضت الدعوة في بادئ الأمر، وفُسر لاحقاً هذا الرفض بـ «تمنع الراغبة»، لأنها أعلنت عن تمسكها بتعزيز الاتحاد المغاربي وتطويره، ولكنها لاحقاً بدأت جولات مكوكية لا تتوقف لتنضم إلى المجلس العتيد.
أرى -ومعي آخرون- أن هذه الدعوة تتلخص في أنها تداعيات لتشكيل مجلس للملكيات، ولن يستطيع إيقاف التغيير، وسيقف كقلعة هشة أمام الجمهوريات، ولهذا أقترح أن نسمي المجلس «مجلس الخليج الأبيض الميت»، الخليج رمز لدول المجلس الحالية، والأبيض للمغرب، والميت للأردن.
دعونا نعود للتاريح القريب، أي قبل 30 سنة، حين أعلن عن تشكيل مجلس التعاون لأهداف عسكرية تحمي هذه المنطقة الغنية بالنفط والغاز من الأطماع الخارجية، ولكن هل تحقق الهدف المنشود؟
في الواقع لم نر الجيش المليوني أو حتى جيش يتكون من 100 ألف مقاتل مدربين بشكل كاف للذود عن دول الخليج العربي وأهله، ولهذا لا يمكن أن يكون سبب دعوة المغرب والأردن لأهداف عسكرية خالصة، لأن الخليج العربي فيه ما لا يقل عن 30 مليون مواطن، ويمكننا هذا العدد من بناء منظومة دفاع كافية ورادعة بكل سهولة، وعليه لماذا لا نسأل هنا هل الدعوة لحمايتنا من التهديدات الإيرانية الرعناء أم لحماية الأنظمة في الأردن والمغرب، ومنع تحولها إلى ملكيات دستورية؟ وثمة سؤال آخر، «إلى متى سنعتمد على الأميركيين ليحمونا وليفكروا عنا بمراكز تفكير تبحث عن مصالح أميركا وليس مصالحنا في المنطقة، مع أن بعضها يمول بأموال عامة للخليجيين؟
ألم تدر أميركا ظهرها لنا في البحرين؟
وهل من المنطقي أو المقبول الآن أن يقاتل الأشقاء من المغرب والأردن بالنيابة عنا؟
وهل سيُقبل هذا الأمر لدى الرأي العام هناك؟
في حقيقة الأمر، لا نحتاج لأحد ليقاتل عنا ويذود عن أرضنا، ومن هنا لا بد من الإشارة إلى نفي الحكومة الأردنية وجود أي قوات تابعة لها في البحرين، وذلك ردا على أنباء ترددت عن تعرض أفراد في قوات جهاز الدرك الأردني للدهس في البحرين، وبناء على هذه الأنباء طالب حزب جبهة العمل الإسلامي –الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، في بيان له- الحكومة الأردنية بتبيين حقيقة وجود قوات أردنية في البحرين، مبديا استنكاره هذه الأنباء إن صحت!.
هناك سؤال مهم وملح، ألا تشن بعض حكومات دول الخليج حرباً ضروساً ومبالغاً فيها على الإخوان المسلمين؟
هل يتجاهلون وجود حزب العمل الإسلامي الذراع السياسية للإخوان في الأردن؟ وشبيهه في المغرب؟ ألسنا أمام تناقضات صارخة يا سادة؟!
آمل ألا تكون قوة مخابرات كل من الأردن والمغرب هي من تجعل بعض المسؤولين الذين يفكرون بعقلية أمنية يتعامون عن حقائق التغيير القادم في المنطقة، إلا إن كنا ننوي القضاء على الإخوان المسلمين وشن حرب غير مبررة عليهم ولا هوادة فيها!
يا سادة، لن تحمي أنظمة الخليج الحالية أية قوى خارجية في العالم سواء عربية كانت أو غربية.
إن الحماية الحقيقية تأتي من الداخل من خلال نزع الخوف المختلق من شعوب الخليج، لأن أنظمة الخليج تتمتع بشرعية داخلية عالية لا تخفى على متابع، ولكنها ستتآكل بسبب رفض إشراك المواطنين في عملية صنع القرار السياسي والاجتماعي، ومنع المواطنين من ممارسة الرقابة على المال العام، وبسبب استفحال الفساد الذي ينخر المؤسسات الرسمية وتعارض المصالح!
إن المواطن الخليجي لا يقف ضد وحدة الدول العربية، ولكن على مجلس التعاون القيام بإصلاحات حقيقية على صعيد المواطنة والمشاركة، وتجاوز الخلافات حول الوحدة النقدية وغيرها بين حكومات المجلس، وفتح الحدود للتنقل ليقتنع المواطن الخليجي بجدوى توسيع مجلس التعاون، لأننا لم نلمس الكثير من الإنجازات على حياة المواطن الخليجي بينما لمسها الأوروبي في اتحادهم الذي أسس بعد مجلسنا الكونفدرالي العتيد!.
أخيراً وليس آخراً من حق المواطن الخليجي والأردني والمغربي أن يصوت على استفتاء توسيع المجلس مثلما حصل في سويسرا، وأي تهميش للمواطنين سيزيد الأمور تعقيداً.
والله من وراء القصد والهادي لسواء السبيل؛؛؛
المصدر العرب الأربعاء 1-6-2011
http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=190394&issueNo=1263&secId=16
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق