اطلعت على مقالة زميلي وصديقي علي الظفيري بعنوان «عين واحدة لا ترى!» في «العرب» أمس، والتي استهلها بالتطرق لثورة سوريا على عجالة ثم عرج على الشأن البحريني باستفاضة.
أحترم رأي أخي الظفيري حول المسألة البحرينية، ولا أتفق معه حول كثير مما أتى فيها، لأنني أيضاً أراه يعالج الأمر بعين واحدة للشأن البحريني في كثير من المواقع، وأؤمن أن مجرد التشبيه بين البحرين وسوريا فيه إجحاف بين نظام شمولي يصف -البعض- مواقفه بالممانعة، ولا أدري أهي ممانعة لمخططات الصهاينة؟ أم ممانعة تحول دون تحرير الجولان؟ ولكن في جميع الأحوال هذه الممانعة لا تتورع عن تحطيم الأرقام القياسية في سفك الدماء السورية على تراب سوريا، وبين النظام في البحرين الذي يحتاج إلى إصلاحات كما تحتاجه بقية دول الخليج العربي، ولكن وضع أنظمة الخليج في سلة واحدة مع أنظمة سوريا أو ليبيا فيه إخلال واضح.
سبق وأن ذكرت في مقالتي السابقة أن التصعيد الطائفي الذي يحدث في البحرين الآن لن يكون مفيداً على المدى القريب أو البعيد، وسيزيد من انقسام المجتمع، وفي الآن ذاته تغييب الخط الإيراني الصريح الذي يمثله الأستاذ حسن مشيمع ومن وقف خلفه من الجمعيات عندما أعلن قيام الجمهورية البحرين -معتقداً أنه حسن نصر الله البحرين- وإسقاطه من المعالجة ما هو من وجهة نظري إلا معالجة -بعين واحدة-، ومسألة أن ذلك يدفع كل الشيعة إلى إيران ليس صحيحاً بالمطلق، وفيه ظلم لعروبتهم، لأنه يصور الأمر على غير حقيقته، وكأنه لا وجود أصلاً لإيران في الدوار، قد يؤدي هذا إلى دفع بعض من لا يفهمون الجغرافيا السياسية للتواصل مع إيران ومهما حدث لن يبرر منصف هذا الأمر، لأن مصلحة الوطن ووحدة أراضيه تفوق الاعتبارات الشخصية.
ثمة أسئلة يجب ألا تغيب هنا، ألم يصرح الأستاذ مشيمع في جريدة الأخبار اللبنانية في طريقه إلى البحرين من لبنان بأن تدخل الجيش السعودي في الشأن البحريني سيشرعن له ومن معه استدعاء الجيش الإيراني؟ وعليه لماذا صرح بهذا إن لم تكن هناك له خطوط ساخنة مع إيران في الأصل؟!
ألم يغادر رئيس مجلس الوزراء القطري الدوحة إلى المنامة والتقى بالحكومة البحرينية وصرح في المنامة بالتالي: «الإخوان في الدوار عزيزون علينا، وندعوهم للذهاب إلى الحوار مع ولي عهد البحرين»؟ هل أعلن قادة الدوار موقفاً إيجابيا وقبولاً لهذه الدعوة إن كانوا فعلاً دعاة إصلاح ليجعلوا الكرة في ملعب الحكومة؟ هل استنكر الشيخ علي سلمان، أو حتى الشيخ عيسى قاسم تصريحات مشيمع المتماهية مع التطلعات الإيرانية ودعموا الدعوة القطرية؟ ولماذا لم يدينوا ويوقفوا رفع شعارات الموت والدماء؟ لماذا أتى رفض الشيخ علي سلمان للتصريحات الإيرانية بعد دخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين وليس قبلها؟ وفي حين أنني ما زلت أبحث عن جواب لهذه الأسئلة، قد أتفهم شعارات «يسقط حمد» في البحرين بعد سقوط قتلى كردة فعل مؤقتة، ولكن لا يقبل أي منصف شعارات التصفية العرقية «الموت لآل خليفة» وهي أسرة مكونة من 4000 مواطن، لأن هذه تصفية عرقية ناهيك عن أنها شعارات حرب طائفية تدينها الشرائع السماوية ومواثيق حقوق الإنسان والقانون الدولي العام، تصفية آل خليفة وشعارات الموت واللعن إرهاصات حرب أهلية واضحة لو نجح المخطط، ولا يغيب عنا وصف آل خليفة بمحتلي البحرين منذ 200 سنة!
لماذا لم يستطع الإخوة الشيعة في البحرين حشد الشارع السني معهم وليس البعض كما نجح المسلمون في حشد أقباط مصر؟
إن تصوير المشهد على أنه إجماع بحريني وطني ينفيه الواقع أمام مسجد الفاتح الذي لم يغب عن ذهنه المشهد العراقي والقتل على الهوية، وما الذي يضمن لمن كانوا في الفاتح من السنة والشيعة عدم تكرار المسلسل العراقي في البحرين؟!
هل يعتقد عاقل أن تصريحاً أو شعاراً يكفي لمنع تكرار المآسي؟ هل منعت مثل هذه التصريحات الحرب الطائفية في العراق المحتل التي دعمتها وغذتها إيران وغضت الطرف عنها جيوش الاحتلال الأميركي بسبب تقاطع المصالح؟!
لقد نشرت الجزيرة.نت الإنجليزية في 28 مارس الماضي مقالة لبرفسور التاريخ الأميركي في جامعة كاليفورنيا «Mark LeVine» يدعم فيها المتواجدين في الدوار، ونقل على لسان المدافع الأشهر الذي يدعي أنه مدافع عن حقوق الإنسان الأستاذ نبيل رجب التالي: «أميركا ليست قضيتنا، وجودكم ليس قضيتنا. والمعارضة أعلنت عن دعمها للاتفاقيات القائمة. لا أحد لديه مشكلة مع الولايات المتحدة الأميركية في البحرين، ولكن بشرط ألا تستخدم القواعد الأميركية لمحاربة العراق أو لبنان أو إيران. لا أحد هنا يقبل قتل الناس في البلدان المجاورة للبحرين».
هل رأيت يا صديقي علي كيف يتحدث حتى من يصفون أنفسهم بالمدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين بطائفية، وهل رأيت كيف يختلط الزعم بالدفاع عن حقوق الإنسان بالنشاط السياسي؟!
وهل وصف السنة بالبلطجية والمجنسين يتسق مع مواثيق حقوق الإنسان أو الخط الوطني؟! إنني أؤمن أن الطائفية لا تلد ديمقراطية، والعراق المخترق إيرانياً دليل واضح على صحة ما نرى، الأخطاء موجودة في دول الخليج وتحتاج إلى إصلاح ولكن من غير ابتسار لتاريخ البحرين بعد 1979 ومحاولة الانقلاب الفاشلة هناك.
ولا يمكن أن نقول إن الأطماع الإيرانية في البحرين ودعمها لما يحدث هناك هراء، سيما وأن التصريحات الرسمية تصرخ: «البحرين جزء من إيران وشعبها يريد العودة». أخيراً وليس آخراً نعم للمواطنة والتعايش والعدالة ولا للطائفية التي تتدثر بالديمقراطية وحقوق الإنسان في الخليج العربي، وأرجو ألا يؤثر ما تتعرض له تطلعاتنا لترسيخ المواطنة والمشاركة على بصيرتنا، ويجب أن نبتعد عن استخدام لفظة «المظلومية» في خطابنا.
لسنا داعمين للخطط الأميركية في المنطقة التي تبحث عن مصالحها، وفي الآن ذاته لن ننبطح لإيران التي تستخدم أوراقها لمصالحها في المنطقة لأن لدينا خياراتنا وتطلعاتنا الوطنية التي نطمح لتحقيقها.
والله من وراء القصد والهادي إلى سواء السبيل.
أحترم رأي أخي الظفيري حول المسألة البحرينية، ولا أتفق معه حول كثير مما أتى فيها، لأنني أيضاً أراه يعالج الأمر بعين واحدة للشأن البحريني في كثير من المواقع، وأؤمن أن مجرد التشبيه بين البحرين وسوريا فيه إجحاف بين نظام شمولي يصف -البعض- مواقفه بالممانعة، ولا أدري أهي ممانعة لمخططات الصهاينة؟ أم ممانعة تحول دون تحرير الجولان؟ ولكن في جميع الأحوال هذه الممانعة لا تتورع عن تحطيم الأرقام القياسية في سفك الدماء السورية على تراب سوريا، وبين النظام في البحرين الذي يحتاج إلى إصلاحات كما تحتاجه بقية دول الخليج العربي، ولكن وضع أنظمة الخليج في سلة واحدة مع أنظمة سوريا أو ليبيا فيه إخلال واضح.
سبق وأن ذكرت في مقالتي السابقة أن التصعيد الطائفي الذي يحدث في البحرين الآن لن يكون مفيداً على المدى القريب أو البعيد، وسيزيد من انقسام المجتمع، وفي الآن ذاته تغييب الخط الإيراني الصريح الذي يمثله الأستاذ حسن مشيمع ومن وقف خلفه من الجمعيات عندما أعلن قيام الجمهورية البحرين -معتقداً أنه حسن نصر الله البحرين- وإسقاطه من المعالجة ما هو من وجهة نظري إلا معالجة -بعين واحدة-، ومسألة أن ذلك يدفع كل الشيعة إلى إيران ليس صحيحاً بالمطلق، وفيه ظلم لعروبتهم، لأنه يصور الأمر على غير حقيقته، وكأنه لا وجود أصلاً لإيران في الدوار، قد يؤدي هذا إلى دفع بعض من لا يفهمون الجغرافيا السياسية للتواصل مع إيران ومهما حدث لن يبرر منصف هذا الأمر، لأن مصلحة الوطن ووحدة أراضيه تفوق الاعتبارات الشخصية.
ثمة أسئلة يجب ألا تغيب هنا، ألم يصرح الأستاذ مشيمع في جريدة الأخبار اللبنانية في طريقه إلى البحرين من لبنان بأن تدخل الجيش السعودي في الشأن البحريني سيشرعن له ومن معه استدعاء الجيش الإيراني؟ وعليه لماذا صرح بهذا إن لم تكن هناك له خطوط ساخنة مع إيران في الأصل؟!
ألم يغادر رئيس مجلس الوزراء القطري الدوحة إلى المنامة والتقى بالحكومة البحرينية وصرح في المنامة بالتالي: «الإخوان في الدوار عزيزون علينا، وندعوهم للذهاب إلى الحوار مع ولي عهد البحرين»؟ هل أعلن قادة الدوار موقفاً إيجابيا وقبولاً لهذه الدعوة إن كانوا فعلاً دعاة إصلاح ليجعلوا الكرة في ملعب الحكومة؟ هل استنكر الشيخ علي سلمان، أو حتى الشيخ عيسى قاسم تصريحات مشيمع المتماهية مع التطلعات الإيرانية ودعموا الدعوة القطرية؟ ولماذا لم يدينوا ويوقفوا رفع شعارات الموت والدماء؟ لماذا أتى رفض الشيخ علي سلمان للتصريحات الإيرانية بعد دخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين وليس قبلها؟ وفي حين أنني ما زلت أبحث عن جواب لهذه الأسئلة، قد أتفهم شعارات «يسقط حمد» في البحرين بعد سقوط قتلى كردة فعل مؤقتة، ولكن لا يقبل أي منصف شعارات التصفية العرقية «الموت لآل خليفة» وهي أسرة مكونة من 4000 مواطن، لأن هذه تصفية عرقية ناهيك عن أنها شعارات حرب طائفية تدينها الشرائع السماوية ومواثيق حقوق الإنسان والقانون الدولي العام، تصفية آل خليفة وشعارات الموت واللعن إرهاصات حرب أهلية واضحة لو نجح المخطط، ولا يغيب عنا وصف آل خليفة بمحتلي البحرين منذ 200 سنة!
لماذا لم يستطع الإخوة الشيعة في البحرين حشد الشارع السني معهم وليس البعض كما نجح المسلمون في حشد أقباط مصر؟
إن تصوير المشهد على أنه إجماع بحريني وطني ينفيه الواقع أمام مسجد الفاتح الذي لم يغب عن ذهنه المشهد العراقي والقتل على الهوية، وما الذي يضمن لمن كانوا في الفاتح من السنة والشيعة عدم تكرار المسلسل العراقي في البحرين؟!
هل يعتقد عاقل أن تصريحاً أو شعاراً يكفي لمنع تكرار المآسي؟ هل منعت مثل هذه التصريحات الحرب الطائفية في العراق المحتل التي دعمتها وغذتها إيران وغضت الطرف عنها جيوش الاحتلال الأميركي بسبب تقاطع المصالح؟!
لقد نشرت الجزيرة.نت الإنجليزية في 28 مارس الماضي مقالة لبرفسور التاريخ الأميركي في جامعة كاليفورنيا «Mark LeVine» يدعم فيها المتواجدين في الدوار، ونقل على لسان المدافع الأشهر الذي يدعي أنه مدافع عن حقوق الإنسان الأستاذ نبيل رجب التالي: «أميركا ليست قضيتنا، وجودكم ليس قضيتنا. والمعارضة أعلنت عن دعمها للاتفاقيات القائمة. لا أحد لديه مشكلة مع الولايات المتحدة الأميركية في البحرين، ولكن بشرط ألا تستخدم القواعد الأميركية لمحاربة العراق أو لبنان أو إيران. لا أحد هنا يقبل قتل الناس في البلدان المجاورة للبحرين».
هل رأيت يا صديقي علي كيف يتحدث حتى من يصفون أنفسهم بالمدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين بطائفية، وهل رأيت كيف يختلط الزعم بالدفاع عن حقوق الإنسان بالنشاط السياسي؟!
وهل وصف السنة بالبلطجية والمجنسين يتسق مع مواثيق حقوق الإنسان أو الخط الوطني؟! إنني أؤمن أن الطائفية لا تلد ديمقراطية، والعراق المخترق إيرانياً دليل واضح على صحة ما نرى، الأخطاء موجودة في دول الخليج وتحتاج إلى إصلاح ولكن من غير ابتسار لتاريخ البحرين بعد 1979 ومحاولة الانقلاب الفاشلة هناك.
ولا يمكن أن نقول إن الأطماع الإيرانية في البحرين ودعمها لما يحدث هناك هراء، سيما وأن التصريحات الرسمية تصرخ: «البحرين جزء من إيران وشعبها يريد العودة». أخيراً وليس آخراً نعم للمواطنة والتعايش والعدالة ولا للطائفية التي تتدثر بالديمقراطية وحقوق الإنسان في الخليج العربي، وأرجو ألا يؤثر ما تتعرض له تطلعاتنا لترسيخ المواطنة والمشاركة على بصيرتنا، ويجب أن نبتعد عن استخدام لفظة «المظلومية» في خطابنا.
لسنا داعمين للخطط الأميركية في المنطقة التي تبحث عن مصالحها، وفي الآن ذاته لن ننبطح لإيران التي تستخدم أوراقها لمصالحها في المنطقة لأن لدينا خياراتنا وتطلعاتنا الوطنية التي نطمح لتحقيقها.
والله من وراء القصد والهادي إلى سواء السبيل.
المصدر العرب، الإثنين 25-4-2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق