2011-02-03
من يصدق الرئيس مبارك الآن بعد أن سالت أمس دماء المصريين الطاهرة -نساء وأطفالاً ورجالاً- في ميدان التحرير على يد «بلطجية» النظام الذين زوروا الانتخابات الأخيرة.
هل نسي الرئيس حسني مبارك وعده في أول خطاب له أمام مجلس الشعب المصري؟ عندما قال «الكفن ملوش جيوب، سنعلي من شأن الأيادي الطاهرة» معلناً أنه سيحكم لفترة واحدة تلتها فترات عديدة، حتى اقترب مبارك من بلوغ الـ 90 سنة من عمره، وكأنه لم يقرأ ما قاله الشاعر «سئمت تكاليف الحياة ومن يعش.... ثمانياً حولاً لا أبا لك يسأمِ».
خطاب «الكفن» لمبارك مر عليه ما يقارب الـ 30 عاماً ثبت فيها أن الكفن صارت له جيوب تتسع للمقربين ورجال الأعمال بعد زواج السلطة ورجال الأعمال، ليتحكم %2 تقريباً من مجموع المصريين بـ %40 من الدخل القومي المصري.. هؤلاء من غصت حساباتهم في البنوك من خيرات مصر التي استنزفت على شكل منح لهذا وذاك، مع أن نظام الحكم يدعي أنه جمهوري وينشر العدالة الاجتماعية مرتكزاً على «دستور» يزعم أن الشعب هو مصدر السلطات، ولكن علينا تذكر أن هذا يحدث عندما يختلط المال العام بالخاص في أي دولة يدب فيها الفساد دون أن ينتبه الحاكم لذلك، ويصبح من الصعب عليه معالجته لاحقاً، وهو ما يعرفه القانونيون والسياسيون بزواج المال والسلطة.
لم يكن خطاب مبارك الثاني حكيماً، وهو ما ظهر في مقاطعة متظاهري ميدان التحرير له عدة مرات مطالبينه بالرحيل. هؤلاء المتظاهرون الذين أبهروا العالم بأسلوبهم الراقي والسلمي للتعبير عن مطالبهم، بعد أن قلل مبارك من وعيهم واتهمهم بالجهل وبأنهم سبب انتشار الفوضى والسرقة والحرائق في مصر، متجاهلاً من قام بإطلاق «البلطجية» ليعيثوا في مصر الفساد، مختتماً خطابه بوعد عدم الترشح لفترة رئاسية أخرى، رغم أنه قال في خطاب سابق للأحداث الأخيرة إنه سيبقى في خدمة الوطن ما دام فيه قلب ينبض، تماماً كما فعل بن علي الذي لجأ إلى السعودية، ثم أدى العمرة في مكة برفقة زوجته وهي متحجبة.
إن كان السيد مبارك نسي خطابه ووعده الأول، والذي تبعه وعود أخرى بالإصلاح ومكافحة الفساد ونشر الديمقراطية –جاءت في خطابه الثاني بعد ثورة 25 يناير، والذي ألقاه في وقت متأخر من الليل- فإنني لا أعتقد أن الشعب المصري الذي نسي تلك الوعود منذ 30 سنة، سيصدق وعده الأخير بعد أن سالت الدماء التي لا ذنب لها إلا أنها عبرت عن رأيها بشكل سلمي في ميدان التحرير.
ختام القول الديمقراطية ليست حكراً على الغرب وعلى رأسه الحكومة الأميركية، ليحاول الرئيس أوباما بخطابه الأخير أن يقدم القليل جداً في وقت متأخر جداً، كما يقول المثل الأميركي «Too little too late»، كما أن الغرب لن يتحمل ارتفاع سعر النفط، وما سيتبع ذلك من زلازل اقتصادية لن يستطيع اقتصاد الغرب الهش التعايش معها، وبالتالي لن يكون من مصلحته استمرار عدم استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية في مصر لتصبح تسونامي لا يعرف أحدٌ إلى أين تصل أضراره، لقد أصبحت الكلمة للشعب الذي يتشكل منه الجيش المصري والذي تعهد بأنه لن يبيد أهله، وهم من يحملون مطالب الشرعية، وعليه أن يحسم الأمر الآن قبل أن يكون الوقت متأخراً جداً بعصمة الدماء المصرية.
اللهم احفظ مصر وأهلها من الفتن ما ظهر منها وما بطن، والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.
والله من وراء القصد؛؛؛
http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=172737&issueNo=1144&secId=16
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق